للأستاذ محمد أركون برنامج نقدي ضخم حاول فيه أن يخرج من إطار الدراسات التقليدية. وقد جاء هذا البرنامج في جميع كتاباته. ويمكن أن نتعرف عليه في مقدمة كتابه "تاريخية الفكر العربي الإسلامي". إذ يقول: "إن هذا البرنامج الضخم من التفحص والبحث المتمثل في فهم كل المنتجات الثقافية العربية… من الناحية السوسيولوجية والانثروبولوجية والفلسفية هو الذي أحاول تنفيذه والإحاطة به… إنه برنامج نقدي بمعنى دراسة شروط صلاحية كل المعارف التي أنتجها العقل ضمن الإطار الميتافزيكي والمؤسساتي والسياسي الذي فُرض عن طريق ما كنت قد دعوته بالظاهرة القرآنية والظاهرة الإسلامية".
ويقول مترجم كتابه "الفكرة الإسلامي، قراءة علمية": "إن الكثير من دراسات أركون تتخذ هيئة برنامج عمل ينتظر التنفيذ والإنجاز أكثر مما تتخذ هيئة البحوث الناجزة والنهائية. إنه يشق الطريق ويرسم الخطوط العريضة ويحفر تحت الإشكاليات العويصة ثم ينتظر مجيء هؤلاء الباحثين الشباب يوماً لكي ينفذوا مختلف جوانب المشروع، كل بحسب مزاجه ونوعية اختصاصه، إنه يفتح "ورشات عمل" أكثر مما يبني قصوراً مكتملة لأن المهام الملحة عديدة والعمر قصير".
مشروعه إذن محاولة للتفكير في ما لم يُفكر فيه بعد في الفكر الإسلامي. أما أسباب عدم التفكير به فلا يرجعها أركون لضيق فكر المسلمين ولا لقصور اللغة العربية، وإنما لأسباب أيديولوجية محضة.
مقدمة البحث
د. فيصل غازي مجهول
(أوراق فلسفية، العدد (9)، يناير 2004، القاهرة).